ما هو مفهوم الشخصانية عند محمد عزيز الحبابي مصطلح الشخصانية في الفلسفة
أهلا وسهلا بكم أعزائي الطلاب والطالبات في موقع النورس العربي يسرنا بزيارتكم أن نقدم لكم شرح و ملخص مفهوم الشخصانية عند الفيلسوف محمد عزيز الحبابي
الإجابة الصحيحة هي كالتالي
مفهوم الشخصانية عند محمد عزيز الحبابي
يندفع الإنسان بشكل دائم إلى معرفة ( من هو )، ومن شأن هذا التساؤل أن يعزز لديه قناعة بأنه ليس هو ذلك الكائن الجامد، وأنه إنما يتميز بماهية ترفعه فوق هذا التوصيف، بحيث يكون من المستحيل تشييء وجوده.
هذا الارتفاع هو ما يُطلِق عليه الحبابي ( التشخصن ). وما التشخصن إلا قدرة الكائن على التحوُّل من مجرد كونه كائناً خاماً، إلى كونه شخصاً. أي لا يعود شيئاً بين الأشياء، بل شخصاً بين أشخاص. ومعنى ذلك أن وجودي باعتباري كائناً بشرياً، إنما معناه أنني ( كرامة )، وأنني أعي ذلك، وأن الآخرين يقرّون لي بذلك، ويقرّون لي بوصفي كذلك.
مامعنى الكرامة عند الحبابي ؟
لا تعني الكرامة احترام المرء لنفسه، ولا تطوير الإنسان شخصه الخاص تطويراً نرجسياً، إنما تعني الكرامة بلوغ الإنسان كرامة نفسه من خلال احترام كرامة غيره. فإذا حُقَّ أن من شأن الإنسان أن يودّ نفسه، إلا أنه يحق أيضاً أنه يودّها بوِّد يشمل البشرية جمعاء، دونما اعتبار للعرق أو شوفينية أو اثنية خاصة أو ثقافية أو دينية.
مامعنى التشخصن عند الحبابي ؟
يقصد الحبابي بتشخصن الإنسان أن يتحرر من كونه كائناً خاماً أولياً جامداً، بأن يصير كائناً متحركاً يعي انتماءه إلى مجتمع من الكائنات الحية الواعية. وإذاً ثمة نقلتان للكائن البشري : نقلة من الكائن إلى الشخص، و نقلة من الشخص إلى الإنسان. النقلة الأولى من كائن ( معطى و موهوب ) إلى كائن ( مبني و مكسوب ). و النقلة الثانية من ( مكسوب ) إلى ( أفق ). النقلة الأولى إلى الشخصانية، والنقلة الثانية إلى الإنسانية. وكأن بالحبابي يقول بأن الشخصانية هي وسيلة للوصول نحو الإنسانية التي هي الهدف المنشود في النهاية.
ثمة إذاً الكائن الخام وهو الإنسان بوصفه مُعطى، وهو يحل في هذا العالم، فيلتقطه المجتمع التقاطاً. وفي عملية الالتقاط هذه يحدث التشخصن، الذي هو انتقال من الكائن إلى الشخص. وهو انتقال لا يتم مرة واحدة وإنما يحدث مراراً على أطوار. فالتشخصن عملية تمتد مدى الحياة، وما من انقطاع إلا هو بمثابة ( نكوص ) إلى حال الكائن الخام. وثمة الإنسان وهو أفق يسعى إليه الشخص.
وواجب علينا ههنا ألا نخلط بين الشخصية و الشخص، لأن الشخصية متعددة، والشخص واحد. والإنسان يتطور أطواراً في شخصيات يتقنع بهذه ويتلفع بأخرى، وقد يجمع في شخصه الواحد بين شخصيات عدّة، وقد يعارض في شخصيته بين شخصية وأخرى. الشخصية هي مختلف أنماط كينونة الشخص، لكن الشخص هو جِماع هذه الشخصيات، كما هو مؤتلفها ومجلاها، فجِماع أو حزمة شخصيات ( أي فرد ) هي ما يكوِّن شخصه، أو قل ( ذاته ). وكأننا بالشخص حركة، أي مركز ثِقل دينامي يتسع بقدر ما يتقدم، تحت تأثير الأمواج المتعاقبة من الشخصيات التي تتجاذب في داخله، فتضاعف كثافته. إنما الشخص مركز اتصال الكائن بالشخصية الحاضرة، وملتقى مجموع الشخصيات الماضية. إجمالاً حدّ الشخص أنه "الفرد الواعي بوجوده المادي والوجداني والتاريخي : إنه أفعال لا معطيات". "شأننا أننا نكون - معشر البشر - طبيعيين، أي إن كينونتنا فطرية لا مكتسبة، موهوبة لا مكسوبة، إذ الكائن معطى خام، لكن الشأن فينا أننا نصير أشخاصاً... إنما الشخص صيرورة، وإنما الكائن زيلولة".
__________________
مجموعة مؤلفين، محمد عزيز الحبابي ( الشخصانية و الغدية )، تقديم كمال عبد اللطيف، المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، قطر، ٢٠١٥.